Elhadife.org

أخبار

mardi 22 avril 2008

في عالم الأعمال .. اعتذر بصدق أو التزم الصمت


ستيفن شتيرن - 16/04/1429هـ

بعض الاعتذارات أصدق من غيرها. خذ على سبيل المثال حالة المسافر الغاضب الذي كتب لشركة القطارات ليخبرهم أنه وجد صراصير تتجول فوق المقعد الذي كان جالساً عليه.
فكتب إليه كبير التنفيذيين في الشركة: 'شعرنا بارتياع كبير بسبب التجربة المزعجة التي مررت بها. إننا آسفون بالفعل. إذا لم يسبق قط أن حدث شيء من هذا القبيل. وقد بدأنا مراجعة شاملة لإجراءات التنظيف في القطارات، وأرسلنا الموظفين أصحاب العلاقة ليعاد تدريبهم، وسنسعى ألا تتكرر أبداً هذه الواقعة التي لا عهد لنا بها وغير المقبولة على الإطلاق'.

شعر هذا الشخص بأن الرسالة طيبت خاطره، وحين طواها وجد ملصقاً صغيراً على ظهرها كُتِب عليه 'أرسلوا رسالة الصراصير إلى هذا الرجل'.

بعض قادة الأعمال يلتزمون التزاماً تاماً بمبدأ 'إياك أن تفسر أي شيء، وإياك أن تعتذر عن أي شيء'. هذا المبدأ يتمتع بميزة الاستقامة والثبات. فلو كنت ستعتذر عن غلطة واحدة، فربما تضطر كذلك للاعتذار عن الغلطة التي تليها. ولن تكون لذلك نهاية.

هناك نظرة أخرى لا تقل قوة عن النظرة السابقة، وهي أنه ينبغي على الزعماء الاعتذار عن الخطايا التي ارتكبوها هم أنفسهم. هذا المنهج يمتاز بأنه أمر منطقي. هل هناك أي معنى لاعتذارك عن شيء قام به غيرك؟ هل يستطيع كبير التنفيذيين بالفعل أن يكون مسؤولاً عن كل الأخطاء التي تُرتكَب في شركته؟
الأشخاص الذين لا يقبلون أن يعتذروا من بينكم لن يتأثروا بالكلمة التي ألقاها كيفن راد، رئيس الوزراء الاسترالي الجديد، في الأسبوع الماضي. أثناء إحدى الجلسات في البرلمان الأسترالي في كانبيرا تقدم رئيس الوزراء 'باقتراح يعرض فيه تقديم اعتذار لشعوب أستراليا الأصليين'. وتحدث بإيجاز عن 'الأجيال المسروقة' وأطفال الأقوام الأصليين الذين أُخِذوا من بيوتهم ليتم إدماجهم في عائلات السكان البيض، وهو أمر ظل معمولاً به حتى أواخر الستينيات.

قال راد: 'إننا نعتذر عن الألم والمعاناة والأذى الذي لحق بهذه الأجيال المسروقة ونعتذر لذرياتهم ولعائلاتهم التي تُرِكت وحدها بدون أولادها. ونعتذر إلى الأمهات والآباء، والإخوة والأخوات، ونعتذر عن تفتيت شمل العائلات والجماعات. ونعتذر عن الإهانة والهوان الذي ألحقناه بشعب له كبرياؤه وثقافة لها كبرياؤها. إلى كل هؤلاء نقول 'نحن آسفون'.

بهذه الكلمات أصبح راد آخر شخصية مرموقة تقرر أن الوقت قد حان لتقديم اعتذار علني مؤثر. وقد أذهل فيلي براندت، المستشار السابق لألمانيا الغربية، مواطنيه الألمان حين انحنى على ركبتيه أمام نصب تذكاري لضحايا انتفاضة يهود وارسو في عام 1943، أثناء زيارة له إلى بولندا في عام 1970. أما توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق، فإنه لم يُضِع وقتاً حين تولى السلطة في عام 1997 واعتذر عن تقاعس بريطانيا أثناء المجاعة الأيرلندية الكبرى في أربعينيات القرن التاسع عشر (التي قُدِّر عدد ضحاياها بأنه يراوح بين نصف مليون ومليوني شخص). واعتبر هذان الاعتذاران، اللذان تعرضا لانتقاد الخصوم، على أنهما في غاية الأهمية في سبيل تحقيق التقدم السياسي، وهو السبب نفسه الذي أعطاه رئيس الوزراء الأسترالي عن اعتذاره في الأسبوع الماضي.

لم يكن الاعتذار أمراً سهلاً دائماً بالنسبة لزعماء الأعمال. في هذا المقام، يعتبر التوقيت مهماً تماماً في مثل أهميته في السياسة، كل ما في الأمر أن آفاق الزمن في عالم الأعمال أقصر بكثير من آفاق الزمن في عالم السياسة. في عام 1999 انتظر دوج إيفستر، الذي كان في ذلك الحين كبير التنفيذيين في شركة كوكا كولا، انتظر ما يزيد على الأسبوع قبل أن يعتذر للزبائن البلجيكيين عن تلوث المشروب الذي تنتجه الشركة الذي كان يبدو أنه السبب وراء إصابة كثيرين بالمرض. وفي أثناء الوقت الذي ترددت فيه الشركة، كانت 'كوكا كولا' تُسحب من أرفف المحال في فرنسا وهولندا كذلك. وفي عام 1989 كانت استجابة شركة إكسون لحادثة ارتطام السفينة إكسون فالديز قبالة ساحل ألاسكا وانسكاب النفط، كانت أسوأ حتى من ذلك، حيث كان رد فعلها هو الصمت، ثم الاعتراف على مضض ودفع غرامة مقدارها 4.5 مليار دولار.

لكن في السنة الماضية أوضح لنا اثنان من زعماء الشركات أن بعض الرؤساء يعلمون بالفعل كيف يتعاملون مع الاعتذارات. فقد سارع ديفيد نيلمان، كبير التنفيذيين السابق في شركة الطيران الأمريكية 'جيت بلو'، سارع إلى الاعتذار عن الفوضى التي عاناها المسافرون الذين علقوا في المطار بسبب إخفاق العمليات الإمدادية في شركته.
كذلك فإن بوب إيكيرت، كبير التنفيذيين في شركة ماتِل (التي تنتج ألعاب باربي) ذهب مباشرة إلى استوديوهات التلفزيون (التي تعتبر المقابل الحديث لكرسي الاعتراف في الكنيسة) للاعتذار عن الخلل الذي أدى إلى أن تسحب شركة ماتِل من الأسواق عدداً من الألعاب بسبب أخطاء في التصنيع. (المشكلة الوحيدة التي تدعو للأسف هي أنه كان يبدو إلى حد ما مثل رئيس الشركة التي وجد المسافر الصراصير على متنها. فقد قال إيكيرت على شاشة محطة سي. إن. إن CNN: 'إنني أشعر بخيبة الأمل، وبالانزعاج الشديد، ولكنني أستطيع أن أؤكد للمشاهدين أننا نقوم بكل ما نستطيع لمعالجة الموقف. إذ يجري الآن اختبار كل تشغيلة إنتاج من الألعاب، وسنستمر في فرض أعلى معايير الجودة في الصناعة').

كلمة 'آسف'بالإنجليزية تتألف من أربعة أحرف فقط. ومن السهل أن يقولها المرء دون تفكير. في الأسبوع الماضي تحدث شخص من الأجيال المسروقة من شعوب أستراليا الأصليين لهيئة الإذاعة البريطانية وقال إن كلمة 'آسف' التي نطقت بها الحكومة الأسترالية هي بالنسبة إليه 'مجرد كلمة جوفاء'. وكان لشخص آخر، هو ميك دودسون من جامعة أستراليا الوطنية، رأي مختلف. فقد قال: 'هذا هو الشيء الصحيح الذي يجدر بالحكومة أن تفعله. وهو تصرف مناسب وسليم، وهو تصرف يدل على كرم الأخلاق، ويجب أن نشعر جميعاً بالاعتزاز لذلك'.

الاعتذارات الصادقة تنزع أية مشاعر سيئة من صدور الخصوم، ويكسب أصحابها أصدقاء جددا، وتعينك على الاحتفاظ بالأصدقاء القدامى. وفي عالم الأعمال ينبغي على الرؤساء أن يعتذروا بصدق وبسرعة أو لا يعتذروا على الإطلاق.

لكن باستثناء حالات نادرة، ينبغي ألا تُحمَل الاعتذارات على ظاهر القول. هل تذكر البرقية التي أرسلها تروتسكي من المنفى إلى ستالين؟ قال تروتسكي: 'كنتَ على حق وكنتُ على خطأ. أنت الوريث الحق للينين. ويجدر بي أن أعتذر إليك'. سُر ستالين من البرقية، إلى أن جاءه رفيق يهودي شجاع وأراه كيف ينبغي قراءة البرقية: 'كنتَ على حق وكنتُ على خطأ؟ أنت الوريث الحق للينين؟ ويجدر بي أن أعتذر إليك؟'
التاريخ لا يسجل ما حدث لهذا الرفيق المتواضع لستالين، ولكنني أخشى أن مصيره كان في غاية السوء

Aucun commentaire: