Elhadife.org

أخبار

mercredi 30 juillet 2008

المسلسلات التركية هل ظلمتها الأحكام الفقهية ؟




مسلسل سنوات الضياع.. مسلسل نور.. مسلسلين تركيين عاديين جدا.. يحكيان قصصا درامية لأسر تركية.. و هما يجسدان بعمق بساطة المجتمع التركي الذي يشبه لحد بعيد مجتماعتنا العربية.. لم أتابع أيا من هذين المسلسلين و ما كنت لأتكلم عنهما لولا ما تتاقلته الصحف و المجلات و المواقع الإلكترنية من فتاوي المشايخ تحرم متابعة هذين المسلسلين.. و من ضمن ما حملته هذه الفتاوي أن المسلسلين يشجعان على الفساد و الانحلال الأخلاقي و يخدشان الحياء و الذوق العام.. أحكام خطيرة.. و تساءلت : ايعقل أن الدراما التركية التي عرفت بتحفظها و تشبتها بالتقاليد و الأعراف تتغير بهذه السرعة.. !!! سؤال جعلني أمسك الريموت كنترول و أرقب ظهور مهند بفضاء من فضائياتنا العربية.. و بالفعل امسكت به .. جلست أتابع الحلقة بتمعن و حذر شديد.. مخافة أن يمسك أحدهم يد إحداهم فيتطور الأمر لما لا يحمد عقباه.. مرت أحداث الحلقة مملة و محزنة إلى حد الغضب.. جعلتني لا أفهم ما يجري و ما يدور.. حقيقة كان همي الوحيد الوقوف على ما جاء به بعض المشايخ في حق المسلسل.. لكن مع توالي الدقائق الثقيلة ثقل الكرات الحديدية..تأكدت أنه لن تكون هناك مناظرا تخدش الحياء و الذوق.. ربما هناك كلمات رومانسية بلهجة لبنانية.. لكن تعودنا عليها إلى حد التخمة.. و الفضل كل الفضل للأفلام العربية و للكليبات المدمرة...

بعد متابعتي للحلقة 80 او 90 ما عدت أتذكر.. و هنا أتساءل كيف استطاع المشاهد العربي من عيش لحظات محزنة لمدة تسعين يوما.. لحظات تضاف للحظات الأخرى الواقعية.. التي نحن ابطالها.. و بلا شك لن تخرج عن إطار الحزن و الضيق و الملل كذلك.. أيعقل أننا حتى في متابعتنا التلفزية نبحث عن من يحزننا و يحبطنا و يزيد سماءنا ظلمة و مطرا و رعدا.. لذلك تجد الاسر و كأنها بفوهة بركان.. تتحسس الخطر و تنتظر وقوعه في اي وقت.. و هنا أتذكر المواقف الطريفة المخجلة التي تخبرنا بها الصحف و مواعيد الأخبار.. زوج يطلق زوجته و السبب أنها أرادت تسمية مولودها الجديد بمهند.. زوجة تقتل زوجها لأنه حطم التلفاز ولم يتركها تكمل إحدى حلقات سنوات الضياع.. آلاف الطرائف المبكية.. تروى هنا و هناك .. و بعد كل هذه الاشياء اتي تدل على سطحية المجتمع العربي الذي أنتمي له بكل فخر.. أجد عملاقة الفقه و الشريعة يعطون لصغائر الأمور نصيبا أكبر من اهتماماتهم و ليتهم تحدثوا عن شيء شاهدوه.. ليحكموا عليه بمنتهى الصدق و العدل.. بل تركوا آذانهم عند هذا و ذاك و بعد صلاة العشاء خطوا بضعة اسطر اصدروا فيها فتاويهم المدوية.. و ليتهم اصدروا نفس الفتاوي و أقاموا نفس الضجة على اشباه المطربات اللاتي مع كل طلة لهن يزدن استخفافا بنا و بتقاليدنا و بقيمنا.. و الله رغم أن المسلسلات التركية مسلسلات عادية جدا جدا، إلا أنها أحسن بكثير من موجة المسلسلات المكسيكية التي عيشت الناس في أحلام وردية تخفي وراءها سيوفا تقطع القيم و المبادىء.. فكمقارنة بسيطة بين المكسيك بمسلسلاته و الأتراك بمسلسليهم نجد أن الأولين كانوا يبنون قصور الوهم و الخرافة.. فالمكسيك لم تعش يوما في تلك الرفاهية المدرجة بمسلسلاتها حتى الفقراء يعيشون حالة من الرفاهية.. أي خرافة كانت تنقل عبر شاشاتنا ؟ و النتيجة فتيات يجدن في التنورة أو الميني جيب أو الصاية شيئا عاديا جدا.. و في مرافقة الشباب لهن لمنزلهن نوعا من الفخر و الاعتزاز بالنفس.. كما نجد ربات بيوت يبحثن عن خادمات درحة أولى بتلك البذلة المرتبة القصيرة جدا .. أما مسلسلات الأتراك فكانت و لازالت شبيهة ببعض بلداننا العربية من حيث اللباس و المظهر و العادات.. مازلت تجد إحداهن تضع الحجاب فوق راسها.. و تجدها تلبس ملابسا طويلة فضفاضة.. و طريقة أكلها و أفرشة منازلها و سياراتها و كل ما تحمله الصورة بهذه المسلسلات التركية يعطينا انطباعا واحدا أننا في جو عربي و محيط عربي.. و هنا يكمن حب المشاهدين العرب للمسلسل التركي الذي بطريقة او بأخرى يجسد واقعا عربيا معاشا بكل تقلباته و منعطفاته من فرح و سرور و حزن و غضب و فراق و فقر... لست ممن يدافعون عن الدراما التركية .. بل ممن ينبهون لأمر هام .. لن نستطيع منع الناس من مشاهدة التلفاز مهما قلت من خطب و افتيت من فتاو.. فبالأول و الأخير سيقال لك : رايك ليس بالراي الوحيد.. هناك آراء عدة تخالف رايك.. و فتاو أخرى تطعن في فتاويك.. لكن لنوجه معا الناس لاختيار نوعية معينة من المسلسلات و لتكن البداية من عند الأتراك فهم الوحيدون اليوم القادرون على طرد التربية المكسيكية المتعارضة مع تربيتنا.. و هم الوحيدون في هذا الوقت من رد الاعتبار لأواصر الأخوة و التماسك العائلي.. و لكل من شاهد المسلسلين بشغف و بدون انقطاع أن يحدثنا هل بالغنا في شيء ؟


و هل أخطانا في ما كتبنا.. و بالأخير لجميع قنواتنا العربية و فنوننا الجميلة منها و الموحشة ألف ألف تحية..


على هذه الورطة و الحفرة...


Aucun commentaire: